كاتب

كاتب

الأربعاء، 1 يونيو 2016

( الارض وأنا ) ** بقلم / فوفا فرجاني

( الارض وأنا )
=====___=====

هي قصتي وقصة كل من تثيره رائحة التراب وترتاح روحه بظلال جنائنها...
حكايتي معكي غريبة او متناقضة المشاعر لا أعلم... كنت طفلة يملؤها شغف الاكتشاف وتحركها نزعة الهروب الى عالم المدينة الكبير... الى اضواء ليلها المتلألئة التي كنت اعشق مشاهدتها كل ليلة... كنت اخبر أمي اني يوما ما سأكون هناك حيث الحياة أجمل.. وسأتطلع الى هنا بشوق فقط لأنكما انتي وابي صلتي الوحيدة بهذا المكان... لم تكن الحياة وردية فنحن لا نزور مدينة الالعاب نهاية الاسبوع لنروح عن أنفسنا.. بل كنت اصنع عالم ألعابي من القماش والاشياء المرمية من اواني وقوارير استغنت عنها امي ... الى جانب ذلك كانت مساعدة أمي بشؤون المنزل يعد ترفيها مفيدا.. فأمي دائما تخبرني أن الفتاة لم تخلق للقلم فقط... نحن لم ننتعل الاحذية الفاخرة بالشتاء بل كانت أقدامنا الصغيرة تتجمد بردا عند ملامسة مياه الامطار الممتزجة بالتراب لها.. فكان ذاك الشعور القاسي يلهب فتيل العزيمة من أعلى رأسي حتى اخمص قدماي... كان مجرد مراودة فكرة الفشل الدراسي لي تثير توتري وتبعثرني بمتاهة الخوف من مجهول يتربص بي بحياة الريف...
سهرت الليالي واجتهدت فنجحت بانتزاع نفسي من هنا.. ودخلت المدينة بدهشة وانبهار... اخيرا احتضنت امنياتي ارض الواقع.. فكانت تلك اللحظة المخاض لولادة انسانة جديدة.. بأحلام ممتدة بامتداد الفضاء الفسيح.. كنت ارى نفسي باحلام يقظتي سيدة احد تلك المنازل الفاخرة بشرفة مطلة على حديقة غناء وليس معي غير قهوتي قلمي وصفحاتي الصديقة.. مرت الاسابيع والشهور وبهت ذاك الألق الذي يلف صورة المدينة بعيني وبالمقابل لم يتناقص شوقي لارضنا وحياة البساطة بقريتي الصغيرة.. حنين يأخذني لابتسامة صادقة، لاهتمام، لسؤال عن الحال والاحوال .. كان يداعب روحي كلما نظرت بالوجوه الواجمة والتائهة باللامعنى... كانت المدينة على شساعتها تضيق بمن فيها... يتعايشون ببرود فضيع بالمشاعر .. تفصل بينهم جدران عالية وابواب موصدة على قلوبهم..
يأتي يوم السبت فينتابني شعور سجين تلقى نبأ الافراج... فاعود بلهفة مغترب لارض تحتضنني بدفء الام وشوقها لاحتضان وليدها بعد الم المخاض.. كانت تلك العودة تفرغني من متاعبي وتشحنني بالطاقة الاجابية والحيوية...
فتدحرجت السنون وناقض حكم الاقدار احلام طفولتي فعدت الى حيث بدأت.. عدت الى ارض وريف منه هربت الى علم سحري جذبني ألقه ونفرت من بروده ...
عدت الى مسقط رأسي ومارست أعمال الفلاحة .. فاصبحت اليد التي تعودت مداعبة القلم خشنة وغير ناعمة الملمس في بعض الاحيان.. تخليت عن أمنيات البراءة واندمجت بواقع جديد قديم مغلف بروح المسؤلية.. واقع تتعلم به انه على قدر العطاء يكون الاخذ.. فالارض سخية بكرمها ولا تبخل على من يتفانى بخدمتها....
بقلم / فوفا فرجاني .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق