( ومضة )
-الصورة الشعرية أحد أهم عناصر الشعرية الحديثة من حيث إنها عامل "الدهشة" و"التيه " و"التشويه الوجداني " في النص الشعري بل ويذهب البعض إلى أن" الفعل النصي" لا يدل عليه غير الصور الشعرية ..
- غير أن هذه الصور أنواع بحسب لحظة "الدفق" وخلفية الشاعر ومدى استعداده للمجازفة ومشاكسة اللغة واغتصاب قوانين الكلام:
- فمنها ما يكون مستهلكا فيوقع النص في "المباشرة "الفجة وهذا يسمى غالبه نظما .
- ومنها ما يكون مقبولا – ولو كان متواضعا – إذا كان التشكيل الشعري عامته مقبولا إذ ينشغل الناقد عن الصورة وجمالياتها بميزات أخرى ويطمر تواضع الصور في جودة التشكيل بعمومه وهذه "حيلة" من بعض من خبرناهم من حذاق الشعر أن" يرشو" ناقده .
- ومن هذه الصور ما أسميه ويسميه غيري "السحر الحلال " وأقصد الصور التي يستطيع تخللها لنص ما أن يبرر بل ويفرض الأعتراف بجمالية هذا النص ووجوده حتى ولو كان عموم التشكيل متواضعا فهذا الذي ذكرته الآن هو صنو النوع الثاني من أنواع الصورة غير أن الفاعل في التشكيل يختلف .
- والنوع الثالث هذا هو ما أقصده في هذه الومضة السريعة حيث قرأت نصا ماتعا للشاعرة اللبنانية : سامية خليفة فانبهرت بهذه الصورة :
أهديتكَ
العيدَ كلّه
وتركتهم
يقدمون هداياهم
بلا عيد
احتكرته لك وحدك
- هذه صورة شعرية بديعة ولقطة بيانية ساحرة وكاسرة لكل الأنتظارات – على بساطتها- فهذه ا لصور هي أنساق بسيطة المعجم والتركيب لكن" التوليفة " التي قدمت بها لها نصيب وافر من الحداثة الشعرية .
قلت : الصورة هذه مجرد استعارات لكنها أخذت حظها من " التخمرالواعي " حين مزجت بفيض عاطفي دافئ ... مكمن الجمال هنا أن الشاعرة وصلت بخيالها ألى مكانات نائية لم يصل إليها غيرها : حين "سرقت" "العيد" من البشر واستأثرت به لتقدمه هدية لعشيقها ومن ثم كانت هدايا البشر إلى بعضهم صباح العيد غير ذات معنى وقد فقدوا عيدهم ؟
- في هذا النص القصيرتجتمع خوالج شتى هي ما قلت عنه أنه وازع الجمال .. ففي النص عاطفة العشق اللاهث خلف معشوق يتجاهل ... وفي النص أنانية مفرطة حين ترجح الشاعر كفة الحبيب على كفة باقي البشر فتحرمهم من متعة " العيد ".....
- ماأريد قوله أن الصورة الشعرية لكي يحصل لها القبول ضمن أخواتها من صور الحداثة "المدهشة " لابد أن تعجن بما يختلج الشاعر من هوس ذلك أن الهدف من المجاز في أي عملية إبداعية : أن يضيء منطقة مظلمة في النفس وأن يساعد - أقصد المجاز – الشاعر على إخراج "المسكوت عنه" وأحسب أن الشاعرة سامية خليفة قد وفقت إلى حد كبير في هذا .
أخوكم :شاهين /الجزائر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق